كتب في قسم مقالات دينية متفرقة | تاريخ 02 مارس 2015 | الكاتب

سؤال صريح يدور في الخاطر

ماهو رأي المسلمون الليبراليون في اليهود والمسيحيين ؟ كون نَجّسَهم اغلب الفقهاء ، مستندين على الآية الكريمة (28من سورة التوبة) ، وكذلك توبيخم في آيات اخرى .

بسم الله الرحمن الرحيم

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ .

الجواب

مما لاشك فيه ان الفقهاء هم سبب ضياع هذه الامة ، بسبب جهلهم بعلم التأويل ، الذي حَرّمه البعض وكَرّهه البعض الآخر من اشياخهم ، لذلك فإن الرشد في خلافهم .

فراحوا يحفظون ما كتب سلفهم في تلك التفاسير المتضاربة ويرددونها كالببغاوات ، مما اسا كثيراً الى ديننا الحنيف وسمعة نبينا الكريم ص .

سبق وان بينا تأويل كلمة مشرك ، في الحلقة 1 من فقه التأويل ، وبينا ان لا علاقة لها بالمعتقد ، بل هو وصف لمن يعبد مع الله إله آخر مهما كانت عقيدته ولم يختص بأحد على الاطلاق ، والكافر هو من يكفر بتعاليم الخالق عزوجل فيما يخص الانسان ، كون ان يطغى ويظلم ويقتل النفس المحترمة ويعتدي على الحرمات ويزني (الزنا الذي بينا حقيقته في الحلقة 4 من فقه التأويل بعنوان الزواج في الاسلام) ، مهما كان معتقده ، وكذلك المؤمن والمسلم هما من أمِن الناس شرهم ، واسلموا وجوههم الى الله تعالى وآمنوا به ، وسَلِمَ الناس من يدهم ومن لسانهم ، كذلك بغض النظر عن معتقدهم .

والآية الشريفة المذكورة اعلاه نزلت على قوم ظلمة استعبدوا الناس وأذلوهم ، وقتلوا النفس المحترمة ، والزنى كان من سجاياهم .

لذلك وصفهم تعالى بالنَجَس ومنعهم من اداء الحج ، وذلك من اجل تحقيرهم اجتماعياً ، ويُطَمئن المؤمنين بأن لا يخافوا العيلة اي الفقر من عدم مجئ هؤلاء الظلّمة والقتلة الى مكة والتجارة مع اهلها ، واكد الله لهم بأنه من سيتكفل بغناهم ، إذن لا علاقة لليهود او للمسيحيين بتلك الآية الشريفة .

اليهودية ديانة سماوية عظيمة ، ودلائل عظمتها جاءت في القرآن الكريم الذي تحدث كثيراً عنها وعن اتباعها وعن انبيائها ع الكثر .

فوبخ الخالق البعض وسخط على البعض ورضي على البعض وامتدح البعض الآخر منهم ، كما فعل مع كل خلقه ومن ضمنهم نحن المسلمون المحمديون .

امثلة على ذلك من القرأن الكريم سورة آل عمران

بسم الله الرحمن الرحيم

لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ ءَايَاتِ اللَّهِ ءَانَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ . يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ . وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ” .

ألآيات الشريفة واضحة ، فَفِيهِم مؤمنون صالحون ، وهُم أهل كتاب غير مؤمنين بالشريعة المُحَمّدية .

وكذلك في سورة الدخان يقول تعالى وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ * مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ * وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ [الدخان: 30 – 32]،

وكذلك يقول الحق تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [الجاثية: 16، 17].

فنحن ابناء النبي اسماعيل ابن النبي ابراهيم ع ، وهم ابناء النبي يعقوب ابن النبي ابراهيم ع ، اذن جدنا وجدهم واحد وهو النبي ابراهيم الخليل ع .

اما ما جرى من حروب في التاريخ القديم ، فذلك انتهى عهده ، فكل الشعوب كانت تقتتل في الماضي ، ولكنها تحضرت وتقدمت .

ونحن ابناء اليوم ، لذلك لم يبقى خلاف بيننا وبينهم البتة ، بل العكس ، فيجب علينا التعاون معهم من اجل التقدم والخير والسلام .

وكذلك الحال بالنسبة للمسيحيين ، إذ امتدحهم الخالق في مجالات وذمهم في أخرى .

كما في هذه الآيتين الشريفتين من سورة المائدة

بسم الله الرحمن الرحيم

ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ۖ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83)

وايضاً امتدح المسلمين المحمديين في مواضع وذمهم بأخرى ، فالبارئ ذكر كلمة منافقين في سور كثيرة

منها :

البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنفال والتوبة والعنكبوت والأحزاب والفتح والحديد والحشر

بسم الله الرحمن الرحيم

وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم ..

بل اختصهم بسورة كاملة وهي سورة المنافقين ، التي شملت حتى البعض من المقربين من النبي ص

إذن فالخالق تعالى عادل يمتدح خلقه ، لو آمنوا وعملوا صالحاً اياً كانت عقيدتهم ، ويذم ويوبخ خلقه لو لم يلتزموا بتعاليمه في العمل الصالح ، كذلك اياً كانت عقيدتهم ، وبتلك الحالة يمكن ان تنطبق كلمة النجس على المسلم المحمدي الذي ينحرف ويتعطش الى الظلم والدم كما في مجرمي ما يسمى اليوم بداعش.

أترك تعليقك